سمير شوقي





مع الأزمات يظهر نبوغ الدول، فلأوضاع استثنائية يجب التفكير في حلول
استثنائية. أين نحن من ذلك؟
منذ أزيد من ستة أشهر، اشتدت الأزمة وأصبح خطاب «المغرب بمنأى عن الأزمة» طي تاريخ
منسي، فماذا أعد مسؤولونا؟
أولا، السياحة عماد الاقتصاد الوطني تَعيش أوقاتا عصيبة. فعدد السياح الوافدين في
تراجع وعدة مشاريع، منها مشاريع ضمن المخطط الأزرق متوقفة.
ثانيا، تحويلات مغاربة الخارج هي الأخرى في تراجع وسيكون على المغرب أن يتدبر أمره
لتعويض العملة الصعبة التي اعتاد أن يبعثها مغاربة المهجر، ثم أن يستعد لاستقبال
آلاف المغاربة الذين فقدوا عملهم جراء البطالة الضاربة أطنابها بأوربا بسبب
الأزمة.
ثالثا، أسعار الفوسفاط تراجعت بشكل لافت في الأسواق العالمية ولن يكون بالإمكان
تحقيق رقم 60 مليار درهم، أي مستوى مبيعات 2008.
بالنسبة للسياحة، يحاول الوزير الوصي أن يخرج من ورطة عشرة ملايين سائح سنة 2010،
وأعلن بشكل رسمي أنه لن يكون باستطاعة المغرب تحقيق ذلك في الموعد وتبنى
استراتيجية تشجيع السياحة الداخلية وذلك بجعل برنامج كنوز بلادي يمتد العام
بأكمله. لكن ذلك لن يكون كافيا لأن الظرف غير مُواتٍ، فالأزمة بلغت المغاربة
كذلك.. ولو نفسيا بالنسبة للشريحة الأكثر استهلاكا.
الإجراء الآخر الذي تعتمد عليه وزارة السياحة للخروج من عنق الزجاجة هو تكثيف
الترويج في الأسواق الكلاسيكية والهدف واضح: الحفاظ على حصة السوق المغربية. وهنا
كذلك النتائج غير مضمونة. وبخصوص الجالية المغربية بالخارج، يبدو أن الحكومة خارج
التغطية ولم تتبن حتى الآن أي استراتيجية، أولا لتعويض ناقص القيمة من تحويلات
مغاربة الخارج، ثانيا من أجل دعم إخواننا المغاربة المهاجرين الذين فقدوا عملهم
ولن يتأخروا في التدفق على المغرب. في هذا الشق، لا وضوح في الرؤية.
أما بخصوص الفوسفاط، فالظرفية العالمية جد صعبة ولوبي الزبناء وخاصة الهنود منهم
يتواجد حتى بيننا من أجل جر الأسعار للخلف، لكن استراتيجية مصطفى التراب رئيس
المكتب الشريف للفوسفاط بتنظيمه تكتلا للدول المنتجة قد يعطي أكله في الحفاظ على
الأسعار في مستويات مقبولة، لكن نتائج هذا المخطط تبقى رهينة استمرار وحدة هذا
التكتل، وهذا أمر غير مضمون لأن الأمر يتعلق بالمصالح الإستراتيجية للدول الحليفة.

قبل أيام حضرت ندوة نشطها سفير مغربي سابق بإحدى العواصم الأوربية الكبيرة وسجلت
ما قاله بخصوص تدبير الأزمة، وهو ما مفاده بأنه على المغرب أن يعمل على أن يكون
حاضرا في الخرائط الاستراتيجية لكبريات الشركات، أي أن يتبنى تموقعا جيواستراتيجيا
لا أن يكتفي بالفتات. لقد قال: «أكد لي رئيس شركة عملاقة عندما كنت أحاول أن أقنعه
بأن يزيد من العاملين بفرعه المغربي من مائتي عامل إلى الضعف بأن مثل هذا القرار
لا يشكل بالنسبة إليه أي أولوية وبأن المسؤول الجهوي للشركة بإمكانه فعل ذلك، لكن
حتى لو ضاعفت الشركة عمالها فإنها ستظل نقطة في بحر هذا العملاق، واستطرد رئيس
الشركة قائلا: كنا أتمنى أن تطلب مني أن تنتقل الشركة من مائتي عامل إلى خمسة
آلاف، إذاك كنت سأدرس الملف بنفسي وأذهب لبلدكم لمعرفة إمكاناته بأن يصبح أحد
مرتكزات خريطتنا الاستراتيجية، فهل لديكم الإمكانيات لذلك؟»
صمت السفير وسكت عن الكلام المباح.
فكلنا نعرف إمكاناتنا ومحدودية عمالنا وأطرنا المؤهلين، لكن علينا أن نستثمر في
المستقبل. مع الأسف ما نراه هو مجرد حلول ترقيعية لتدبير اليوم، أما الغد فهو في
يد الله.
الغد هو الموارد البشرية يا سادة.. هو الرأسمال البشري..!

المساء

Merci ou3mmi d'avoir partager avec nous ces informations