مقاربة أولية للقوانين التي صدرت عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين

لقد كان مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، ثمرة عمل جماعي جدي ومكثف من طرف اللجنة الخاصة للتربية والتكوين التي تم تشكيلها ، بأمر من الملك الحسن الثاني في خطاب العرش لسنة 1999 ، من شخصيات ممثلة لكل الفعاليات السياسية والنقابية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية ، وعهد رئاستها إلى مستشاره السيد عبد العزيز مزيان بلفقيه .
وقد باشرت هذه اللجنة أعمالها وفق منهجية مستندة على العديد من الوثائق والدراسات التي أعدتها لجان فرعية متخصصة ، وعلى ما استنتجته من زيارات ميدانية قامت بها داخل الوطن وخارجه للاطلاع عن كثب على مختلف التجارب في مجال التربية والتكوين إلى أن توجت عملها بصياغة مشروع ميثاق وطني للتربية والتكوين ، تم عرضه على أنظار جلالة الملك محمد السادس الذي أعطى موافقته عليه يوم الجمعة 8 أكتوبر 1999 بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثالثة 99-2000 ، كما أعطى تعليماته للعمل على بلورة هذا الميثاق على شكل قوانين ومراسيم تنظيمية ، وعلى الشروع في التطبيق التدريجي للإصلاح ابتداء من الدخول الجامعي 2001-2000 .
ومن أجل وضع أعضاء مجلس النواب في صورة الميثاق الوطني للتربية والتعليم ، عقدت لجنة القطاعات الاجتماعية والشؤون الإسلامية يوم 23 فبراير 2000 اجتماعا بحضور السيد عبد العزيز مزيان بلفقيه مستشار جلالة الملك ورئيس اللجنة الخاصة بالـتربية والتكوين ، الذي قدم عرضا حول الميثاق وظروف بلورته والمنهجية التي اشتغلت وفقها اللجنة .
وقد تضمن العرض تشخيص الواقع الحالي للمسألة التعليمية تطرق فيه إلى الإنجازات والإشكاليات وكذا الاختلالات التي يشكو منها . كما تضمن كذلك الخطوط الكبرى لمشروع الإصلاح والتي تستمد فحواها من الرسالة الملكية المؤرخة ب 8 مارس 1999 ، وأشار إلى أن مشروع الإصلاح تضمن مرتكزات أساسية تتعلق بعقد جديد بين المجتمع والمدرسة وتنمية بشرية مندمجة ومدرسة جديدة وترشيد الموارد وتحسين استعمالها وحفز الموارد البشرية وإشراك وإسهام كل الفاعلين .
وأكد أن الفعل التربوي مسؤولية جماعية لكل الفاعلين حيث يمنح للتلاميذ مدرسة حية ومفتوحة وللمدرسين فرصة لتحسين كفاياتهم وأداء مهمتهم على الوجه الأمثل وللأباء مجالا لمشاركة حقيقية أوسع في تربية ذريتهم وللفاعلين الاقتصاديين الاستفادة من عطاءات مدرسة وثيقة الارتباط بعالم الشغل وللمسؤولين نهج اللامركزية واللاتمركز بشكل حقيقي على جميع المستويات . ومن أجل بلورة الميثاق في شكل قوانين كون الوزير الأول لجنة وزارية شارك في أشغالها السيد رئيس اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين ، عملت تحت إشرافه على تحضير جملة من مشاريع القوانين ، مستعينة في ذلك بلجنة تقنية مكونة من مصالح الأمانة العامة للحكومة والأطر التقنية لمختلف الوزارات المعنية . لقد أوردنا هذه التوطئة لتقديم فكرة جد مختصرة عن المسلسل الذي انبثقت عنه ، وفي إطاره ، القوانين المنظمة لمشروع إصلاح المنظومة التربوية التي سيكون على بلادنا اعتمادها في مطلع القرن الواحد والعشرين والتي سترهن دون شك أجيال بكاملها وستتحكم إلى حد كبير في عدة قضايا اجتماعية أخرى كالتشغيل والكفاءات بل وفي شخصية الإنسان المغربي وهويته .
إننا نعتبر أن تطبيق مقتضيات ميثاق التربية والتكوين والنصوص القانونية التي انبثقت عنه هو وحده الذي سيثبت نجاعته أو ضعفه ويكشف ثغراته لذلك فإن موضوع هذا الدراسة لن يكون تقييم هذه النصوص بل هو محاولة تقريبها وتفسيرها وتقديمها للقارئ كي يطلع عليها ويشكل عنها فكرة نأمل أن تنقله إلى مرحلة وضعها في الميزان خاصة وأنه سيكون في تفاعل يومي مع نتائجها،
ولقد بلور المشرع الميثاق الوطني للتربية والتعليم في عدد من النصوص صادق مجلس النواب على ثمانية منها خلال دورة استثنائية عقدها في الفترة من 3 مارس 2000 إلى 13 أبريل 2000 . ويتعلق الأمر ب :
1. قانون تنظيم التعليم العالي
2. قانون تنظيمي بشأن التعليم الإلزامي
3. قانون التعليم المدرسي الخصوصي
4. قانون الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين
5. قانون انشاء أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات
6. قانون إحداث وتنظيم التدرج المهني
7. قانون التكوين المهني الخاص
8. قانون التعليم الأولي